لكل شيءٍ إذا ما تم نقصانُ فلا يُغرُّ بطيب العيش إنسانُ

سُمّيت ساحة مدينة رندة الإسبانية بإسمه Plaza Abul beka
الشاعر أبو البقاء الرندي المولود برندة Ronda بإسبانيا و المتوفي بسبتة (601 هـ - 684 هـ / 1204 - 1285 م ) قال في قصيدته "رثاء الأندلس" :

لكل شيءٍ إذا ما تم نقصانُ
فلا يُغرُّ بطيب العيش إنسانُ
هي الأيامُ كما شاهدتها دُولٌ
مَن سَرَّهُ زَمنٌ ساءَتهُ أزمانُ
و هذه الدار لا تُبقي على أحد
و لا يدوم على حالٍ لها شان
يُمزق الدهر حتمًا كل سابغةٍ
إذا نبت مشْرفيّاتٌ و خُرصانُ
و ينتضي كلّ سيف للفناء و لوْ
كان ابنَ ذي يزَن و الغمدَ غُمدان
أين الملوك ذَوو التيجان من يمنٍ
و أين منهم أكاليلٌ و تيجانُ ؟
و أين ما شاده شدَّادُ في إرمٍ
و أين ما ساسه في الفرس ساسانُ ؟
و أين ما حازه قارون من ذهب
و أين عادٌ و شدادٌ و قحطانُ ؟
أتى على الكُل أمر لا مَرد له
حتى قَضَوا فكأن القوم ما كانوا
و صار ما كان من مُلك و من مَلِك
كما حكى عن خيال الطّيفِ وسْنانُ
دارَ الزّمانُ على (دارا) و قاتِلِه
و أمَّ كسرى فما آواه إيوانُ
كأنما الصَّعب لم يسْهُل له سببُ
يومًا و لا مَلكَ الدُنيا سُليمانُ
فجائعُ الدهر أنواعٌ مُنوَّعة
و للزمان مسرّاتٌ و أحزانُ
و للحوادث سُلوان يسهلها
و ما لما حلّ بالإسلام سُلوانُ
دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاءَ له
هوى له أُحدٌ و انهدْ ثهلانُ
أصابها العينُ في الإسلام فامتحنتْ
حتى خَلت منه أقطارٌ و بُلدانُ
فاسأل (بلنسيةً) ما شأنُ (مُرسيةً)
و أينَ (شاطبةٌ) أمْ أينَ (جَيَّانُ)
و أين (قُرطبة)ٌ دارُ العلوم فكم
من عالمٍ قد سما فيها له شانُ
و أين (حْمص)ُ وما تحويه من نزهٍ
و نهرهُا العَذبُ فياضٌ و ملآنُ
قواعدٌ كنَّ أركانَ البلاد فما
عسى البقاءُ إذا لم تبقَ أركانُ
تبكي الحنيفيةَ البيضاءُ من أسفٍ
كما بكى لفراق الإلفِ هيمانُ
على ديار من الإسلام خالية
قد أقفرت و لها بالكفر عُمرانُ
حيث المساجد قد صارت كنائسَ
مافيهنَّ إلا نواقيسٌ و صُلبانُ
حتى المحاريبُ تبكي و هي جامدةٌ
حتى المنابرُ ترثي و هي عيدانُ
يا غافلاً و له في الدهرِ موعظةٌ
إن كنت في سِنَةٍ فالدهرُ يقظانُ
و ماشيًا مرحًا يلهيه موطنهُ
أبعد حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ ؟
تلك المصيبةُ أنستْ ما تقدمها
و ما لها مع طولَ الدهرِ نسيانُ
يا راكبين عتاق الخيلِ ضامرةً
كأنها في مجال السبقِ عقبانُ
و حاملين سيُوفَ الهندِ مرهفةُ
كأنها في ظلام النقع نيرانُ
و راتعين وراء البحر في دعةٍ
لهم بأوطانهم عزٌّ و سلطانُ
أعندكم نبأ من أهل أندلسٍ
فقد سرى بحديثِ القومِ رُكبانُ ؟
كم يستغيث بنا المستضعفون و هم
قتلى و أسرى فما يهتز إنسان ؟!
ماذا التقاُطع في الإسلام بينكمُ
و أنتمْ يا عبادَ الله إخوانُ ؟
ألا نفوسٌ أبياتٌ لها هممٌ
أما على الخيرِ أنصارٌ و أعوانُ
يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهمُ
أحال حالهمْ جورُ و طُغيانُ
بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم
و اليومَ هم في بلاد الكفرِ عُبدانُ
فلو تراهم حيارى لا دليل لهمْ
عليهمُ من ثيابِ الذلِ ألوانُ
ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ
لهالكَ الأمرُ و استهوتكَ أحزانُ
يا ربَّ أمّ و طفلٍ حيلَ بينهما
كما تفرقَ أرواحٌ و أبدانُ
و طفلةً مثل حسنِ الشمسِ إذ طلعت
كأنما هي ياقوتٌ و مرجانُ
يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً
و العينُ باكيةُ و القلبُ حيرانُ
لمثل هذا يذوب القلبُ من كمدٍ
إن كان في القلبِ إسلامٌ و إيمانُ



.
#تحفيظ_الطفل
#أناشيد_ناشر
#شعر_ناشر
#tahfidh_tifl

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كلمات أيقنت أن الله يجبر خاطري

نور على مر الزمان تألقا و أضاء للدنيا طريقا مشرقا

غردي معنا اطيار***- حلقي من فوق غيوم